المشروعات غير الرسمية.. كيف يمكن إدراجها تحت مظلة "الاقتصاد الحكومي" ؟

كتب: يسى روماني

ما الذي يمنع الكثير من المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر من الانضمام للاقتصاد الرسمي؟ لماذا يقبع الكثير منها في دهاليز الاقتصاد الموازي أو غير الرسمي؟ هل الضرائب هي السبب؟ أم صعوبات ترخيص المشروع وتفضيل الشباب للعمل خارج دائرة الاقتصاد المرخص؟ الحقيقة أن هذه المشروعات تسهم بصورة إيجابية في خلق فرص عمل وتعزيز القدرة الإنتاجية، لكن من المهم أن تعمل تحت مظلة الدولة حتى تجد الرعاية والدعم الكافي، وهو ما نوضحه في سطور التقرير التالي. 

في البداية.. كيف جاءتك فكرة هذا المشروع؟ ولماذا اتجهت إليه رغم أنه بعيد عن مجال تخصصك؟

تقول الدكتورة هدى الملاح، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن  تقديرات وحجم الاقتصاد غير الرسمي أمر مختلف عليه خاصة وإن الاقتصاد غير الرسمي هو الاقتصاد الذي لا يقع تحت مظلة الدولة أو إشرافها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبالتالي فهو اقتصاد غير مسجل، لافتة إلى أن المعلومات المتعلقة به لا تصل إلى الدولة.

 

وأضافت “الملاح” أن الاقتصاد المصري يضم شريحة كبيرة من المشروعات غير المسجلة في دفاتر الدولة، وليس لها سجلات تجارية ولا تدفع ضرائب، وبالتالي تمثل هذه المشروعات عبئا علي الدولة والمجتمع، وذلك لأن الكثير من الشباب يعملون في التجارة مثلا على نواصي الطرق والشوارع، وبعضهم يقومون بإنشاء مشروعاتهم داخل المنازل في صورة ورش صغيرة، وهذا ليس صحيحًا لأنهم يكونون متهربين من الضرائب، وهذا يمثل خسارة على الدولة، فالدولة تفقد مبالغ ضريبية كبيرة من إيراداتها، وهذا يمثل عبئًا على الدولة، كما أن المشروعات غير المرخصة تنافس بعض المشاريع الأخرى المرخصة في تحقيق أرباح كبيرة  على الرغم من عدم دفع رسوم البطاقات الضريبية والسجل التجاري.

وأشارت “الملاح” إلى أن من الشروط التي يجب توافرها لضم تلك المشاريع غير الرسمية إلى الاقتصاد الرسمي أن يتوافر لديها المميزات التي تجذبها للاندماج، مثل تقديم بعض التسيهلات الضريبية كذلك الدعم من شركات الكهرباء والخدمات المختلفة. والحقيقة أن بعض أصحاب المشروعات غير الرخصة يتخوفون من الضرائب ودفع رسوم الكهرباء والإيجارات، لذلك يلجأون إلى المشاريع الاقتصادية غير الرسمية، وهذا ما يمثل لهم مكسبًا كافيًا ولكن غير آمن لهم أو لحياتهم.

وأشارت الملاح إلى أن المخاطر التي يتعرض لها أصحاب المشاريع غير الرسمية أو غير المسجلة تتمثل في أنه ليس لهم حقوق تأمينية سواء على حياتهم أو على مستقبلهم، فإذا حدث لأي منهم مشكلة لا تستطيع الدولة مساعدتهم أو تأمين حياتهم لأنهم غير “مؤمن” عليهم من قبل المشروع الاقتصادي الرسمي.

وأكدت هدى الملاح أن الاقتصاد غير الرسمي يمثل ثلث الناتج المحلى، والذي يقدر بنحو 5 تريليونات جنيه؛ أي أن فاتورته تصل إلى 1700 مليار جنيه، بينما هناك تقديرات أخرى تشير إلى أنه يمثل ثلثي الناتج المحلي أي يمثل 3500 مليار جنيه، ولفتت إلى أن الاقتصاد الموازي يمثل نسبة مهمة من الاقتصاد المصرى وهو يؤثر في توجهات الأداء الاقتصادى.

وكان الاقتصاد غير الرسمي يتنامى في التسعينيات أقل بكثير من الآن، وذلك لعدة متغيرات ألا وهي أن نسبة الضرائب تعد كبيرة ومغالاة فيها وحتى وإن انخفضت إلى نسبة تتراوح ما بين 40% إلى 22% ولكنها ما زالت عالية، ومن يعملون بالاقتصاد السرى يحاولون البحث عن وسائل لعدم دفع أي رسوم مستحقة للدولة، حيث يعانون من ارتفاع أسعار الخدمات، وبالتالي يتهربون من دفعها، وأكدت ضرورة تخفيض قيمة تحصيل الضرائب لجذب القطاع وتكون الأنشطة غير الرسمية تحت مظلة الاقتصاد الرسمى.

وفي السياق ذاته، يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إن قضية المشروعات غير الرسمية في مصر تعد من أكثر القضايا التي شغلت مختلف الدوائر السياسية والاقتصادية، حيث أثبتت بعض الدراسات أن المشروعات غير الرسمية أو غير المسجلة تتجاوز نسبتها نحو 90% من إجمالي المشروعات العاملة في الاقتصاد المصري، وهي بالطبع نسبة ضخة، وتتمتع بعض هذه المشروعات بتنافسية جيدة وتحقق أرباحًا كبيرة حيث يظهر أهمية البحث في إلقاء الضوء على دمج المشروعات غير الرسمية إلى الاقتصاد الرسمي.

 وأضاف “عبده” أنه يمكن ضم المشروعات الصغيرة غير الرسمية إلى الاقتصاد المصري الرسمي، وذلك من خلال توفير بعض المزايا والتسهيلات، فالدولة يمكن أن تنظم بعض المعارض وتتيح بعض الخدمات التي يمكن أن تجذب أصحاب هذه المشروعات، ومن المخاطر المترتبة على عدم ضم المشاريع الصغيرة إلى الاقتصاد الرسمي أنها لا تدخل ضمن إجمالي الناتج المحلي للدولة.

 وأضاف “عبده” أنه يجب أن يكون هناك رقابة صارمة وتطبيق القانون لغلق الباب أمام الرشاوى التي كان يقدمها أصحاب تلك المشروعات غير الرسمية للإفلات من تطبيق القوانين عليهم.

وأكد أن نجاح دمج الاقتصاد غير الرسمي يتوقف على تطبيق القوانين بكل صرامة، خاصة بعد تقديم الدولة حوافز غير مسبوقة لتشجيع أصحاب تلك المشروعات على الانضمام للمنظومة الاقتصادية الرسمية، مشيرًا إلى أن دمج هذا الاقتصاد يساعد الدولة في تنفيذ خطط مكافحة الفقر والبطالة.

Scroll to Top