ـ«بيهمو» تصل للعالمية.. قلعة صناعة الملابس الجاهزة تتحدى أوروبا
تحقيق: يوسف محمد- يوسف سامي- يسى روماني
اخر المواضيع
في ظل التحديات الاقتصادية وتطورات السوق العالمية، يبرز اسم أحمد حمدي نمر، مدير مصنع ملابس، كنموذج للنجاح في مجال التصدير بمصنعه الواعد في قرية بيهمو الشهيرة بإنتاج الملابس الجاهزة في مصر، حيث يدير أحمد مصنعه المتخصص في إنتاج الأطقم الصيفية والشتوية والتي تحظى بقبول كبير في الأسواق الخارجية، كما يعتمد في تصدير منتجاته على مكاتب التصدير بالقاهرة والتي تلعب دور الوسيط بين المصنع والأسواق العالمية.. تجربته الناجحة نعرضها لكم في السطور القادمة..
تُعتبر قرية بيهمو إحدى القرى المنتجة للملابس في مصر، ومن أهم الأماكن التي يعتمد عليها أحمد في تصنيع منتجاته، وتُعرف القرية بجودتها العالية في إنتاج الملابس والمهارات الحرفية لسكانها، مما يسهم في تعزيز مكانة منتجات المصنع في الأسواق العالمية، وإلى جانب عملية التصدير يولي أحمد اهتمامًا كبيرًا بتدريب العمالة، حيث يضم مصنعه العديد من العمال المؤهلين بمن فيهم المتدربين ضمن مشروع “مبارك كول”، الذي يهدف إلى تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل، ويؤكد أحمد على أهمية تدريب العمالة قائلاً “تدريب العمالة يعتبر من الأولويات لدينا لضمان جودة الإنتاج والابتكار في المنتجات”.
قرية بيهمو
تتميز قرية بيهمو، الواقعة بمحافظة الفيوم، بكونها مركزاً هاماً لإنتاج الملابس حيث توفر الفرصة للعديد من النساء للعمل في بيئة قريبة من منازلهن، ويشير أحمد إلى أهمية هذا العامل قائلاً: “العديد من النساء في بيهمو لا يمكنهن العمل في مناطق بعيدة مثل أكتوبر بسبب التزاماتهن الأسرية، خصوصاً اللواتي لديهن أطفال لذا، يوفر المصنع فرص عمل مرنة وقريبة تتيح لهن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية”.
وأضاف أحمد أن العمالة الريفية تواجه تحديات عديدة، ولكننا نسعى لتقديم بيئة عمل مناسبة تتيح للنساء العمل في مواعيد مرنة، مما يسهم في تحسين ظروفهن المعيشية، وتتراوح الرواتب بين 2700 و3200 جنيه، مما يوفر دخلاً جيداً للعاملين بالنسبة للمناطق الريفية.
ومن خلال توفير هذه الفرص، يسهم أحمد في دعم المجتمع الريفي وتحسين مستوى المعيشة، مؤكداً على أهمية تقديم فرص عمل لائقة ومناسبة للسكان المحليين ، وأكد أحمد أن دعم العمالة المحلية يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز من قدرة المجتمع على التكيف مع التحديات الاقتصادية.
أزمة ارتفاع سعر الدولار
ويقول أحمد: شهدنا فترة من التقلبات في أسعار الدولار، مما أثر بشكل كبير على أسعار الخامات والأقمشة التي نستخدمها في الإنتاج، هذا التذبذب تسبب في بعض المشكلات لنا لكن الأمور بدأت تتحسن مع استقرار الأسعار تدريجياً.
ويضيف أحمد أن هذه التقلبات في الأسعار لم تؤثر فقط على تكلفة الإنتاج بل أيضاً على قدرة المصنع على تلبية الطلبات والتعاقدات، مضيفا: “كانت هذه التغيرات تسبب لنا مشاكل في الوفاء بالالتزامات تجاه العملاء، حيث إن الزيادة في أسعار الخامات كانت تؤدي إلى زيادة غير متوقعة في تكاليف الإنتاج، مما يضعنا في موقف صعب أمام العملاء”.
ورغم هذه التحديات، يؤكد أحمد أن المصنع تمكن من الاستمرار بفضل تبني استراتيجيات مرنة والتعاون مع الموردين المحليين لتأمين الخامات بأسعار معقولة، قائلا: “استطعنا التكيف مع هذه التغيرات من خلال البحث عن موردين محليين أكثر استقراراً، وتبني سياسات شراء أكثر مرونة تساعدنا على مواجهة التقلبات السعرية”.
تحديات التصدير
ويؤكد أحمد أن صناعة الملابس المصرية تواجه منافسة شديدة من دول كبرى مثل تركيا والصين، مضيفًا أن مصنعه يركز على الحفاظ على أعلى مستويات الجودة في الإنتاج، مما يسهم في تمييز المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، قائلا: “الجودة هي العنصر الأساسي الذي نعتمد عليه في منافسة الدول الكبرى مثل تركيا والصين، فنحن نحرص على استخدام أفضل الخامات والتقنيات في تصنيع الملابس”.
وتُعتبر مصر من أكبر الدول المصدرة للملابس، ويعود ذلك إلى جودة منتجاتها وأسعارها التنافسية، ويشير أحمد إلى أن “الصناعة المصرية تتميز بجودة عالية تلقى قبولاً كبيراً في الأسواق الخارجية، ونحن قادرون على تقديم منتجات عالية الجودة بأسعار معقولة، مما يجعلها مفضلة لدى العملاء في الخارج، رغم التحديات الاقتصادية تظل الصناعة المصرية قادرة على المواجهة، فقد واجهنا تحديات كبيرة مع تذبذب أسعار الخامات، ولكننا استطعنا التكيف مع هذه الظروف وتقديم منتجات بأسعار مناسبة هذا يجعل منتجاتنا أكثر جاذبية للعملاء الدوليين”.
وأوضح أحمد “توفر مناطق التصنيع في العاشر من رمضان والعبور جميع الخامات والمستلزمات التي نحتاجها في عملية الإنتاج من الغزل والصباغة إلى الأقمشة والملحقات مثل الكرتون والشماعات والأكياس والإكسسوارات، فكل شيء متاح بسهولة، وتتيح هذه البنية التحتية المتكاملة للمصنع تجنب الاعتماد على الاستيراد، مما يقلل من الوقت والتكلفة المرتبطة بجلب الخامات من الخارج، وأردف قائلا “عندما نضطر لاستيراد الخامات من الخارج، تستغرق العملية وقتاً أطول وتؤثر على سرعة الإنتاج ولكن بفضل توفر كل ما نحتاجه محلياً في مناطق مثل العاشر من رمضان والعبور، نستطيع تسريع عملية الإنتاج وتلبية الطلبات بشكل أسرع”.
ويشير أحمد إلى أن هذا التكامل في سلسلة الإمداد يسهم في تحسين كفاءة الإنتاج ويجعل منتجاتنا أكثر تنافسية في الأسواق العالمية: قائلا: “عندما تكون جميع المستلزمات متاحة محلياً، يمكننا التركيز على تحسين الجودة وزيادة الإنتاجية هذا يجعل منتجاتنا المصرية مميزة وقادرة على المنافسة على المستوى الدولي”.
جهود الدولة والتمويل
خلال فترة الجائحة كانت الحكومة المصرية نشطة في تقديم حزم دعم مالي وبرامج تمويلية بفائدة منخفضة للغاية لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على البقاء والنمو، حيث يوضح أحمد أن الفترة التي شهدت تقلبات في أسعار الدولار كانت صعبة، ولكن بفضل الدعم الحكومي تمكننا من الحصول على التمويل اللازم للحفاظ على استمرارية العمل، قائلا”عرفنا نقف على رجلينا تاني”، وبالإضافة إلى التمويل ساهمت المبادرات الحكومية في توفير بيئة مواتية للنمو الاقتصادي من خلال تسهيل الإجراءات البيروقراطية وتقديم الاستشارات الفنية والإدارية، حيث إن الدعم لم يكن ماليًا فقط بل شمل أيضًا إرشادات ونصائح لتحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة، حيث أن هذا الدعم الشامل ساعدهم على النهوض بسرعة بعد الأزمات.
دعم المجتمع وتمكين المرأة
شهدت قرية بيهمو فعاليات عديدة تهدف إلى دعم المجتمع والأسرة، قال أحمد: شاركنا في العديد من المؤتمرات والفعاليات التي تركز على المجتمع والأسرة والمرأة، وكان سيادة المحافظ حاضراً لدعم هذه المبادرات، إضافة إلى جمعية الأسرة المنتجة والجمعيات الأخرى التي تعمل على تعزيز دور المرأة في المجتمع، وتهدف هذه الفعاليات إلى تقديم الدعم للنساء في المجتمع المحلي حيث توفر الجمعيات فرص تدريب وتعليم مهني للنساء ما يساعدهن على اكتساب المهارات اللازمة للدخول في سوق العمل، وعندما تأتي إلينا العمالة من مبادرات مثل تكافل وكرامة، نبدأ بتدريبهم على مختلف المهارات الحرفية، مما يمكنهم من تحسين مستواهم المعيشي.
وأوضح أحمد أن التعاون مع هذه الجمعيات يشمل أيضاً حملات تفتيش دورية لضمان جودة العمل وظروف العمل المناسبة، وأكد أنهم يتعاونون مع الجمعيات في عمليات التفتيش لضمان توفير بيئة عمل آمنة ومناسبة للعمال حيث يحرصون على تدريب العمالة وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتحسين جودة الإنتاج.
ويؤكد أحمد على أهمية هذه الفعاليات في دعم المرأة وتمكينها من تحقيق استقلالها الاقتصادي، مما ينعكس إيجاباً على المجتمع ككل، حيث قال: نحن نؤمن بأن تمكين المرأة وتوفير فرص التدريب المهني يسهم بشكل كبير في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع هذه الجهود المشتركة مع الجمعيات والمؤسسات المجتمعية تساعدنا في تحقيق هذا الهدف.
تحديات تدريب العمالة
وأضاف أحمد أنه في بعض الأحيان يكون من الصعب توظيف العمالة غير المدربة وتأهيلها للعمل في المصانع الأخرى، حيث يفتقد بعض أصحاب العمل الطاقة والصبر والموارد اللازمة لتنفيذ هذه المهمة ويفضل بعضهم الاعتماد على عمالة جاهزة للعمل على الفور دون الحاجة إلى تدريب، وبالرغم من أن بعض العمال قد يكونون غير مدربين جيداً، إلا أننا نتعاون مع مؤسسة التعليم المزدوج ومبارك كول ونقدم فرصًا لتدريب الطلاب من مختلف المراحل الدراسية، بدءًا من الصف الأول وحتى الصف الثالث، وتشير هذه المبادرة إلى أهمية توفير فرص التدريب للطلاب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل، وهو ما يسهم في تخفيف الضغط على أصحاب العمل وتوفير العمالة المهرة.
وتابع: نحن نتابع عملية التدريب بشكل دوري ونوفر الإرشادات والمساعدة اللازمة للعمالة الجديدة حتى يصبحوا مؤهلين للعمل بكفاءة، فنحن نؤمن بأهمية استثمار الوقت والجهد في تدريب العمالة وتحسين مهاراتهم لضمان جودة الإنتاج واستمرارية العملية الإنتاجية.
السوق الأمريكي
ويؤكد نمر أن الولايات المتحدة الأمريكية واحدة من أهم الأسواق التي تستهدفها شركات النسيج المصرية ومنها مصنعنا، حيث تغلبت مصر على تحديات الصادرات إلى أوروبا وأصبحت تركز بشكل رئيسي على السوق الأمريكية، ويرجع ذلك أيضا إلى الاتفاقيات التي بيننا مثل اتفاقية الكويز، والمكاتب التجارية الأمريكية المتواجدة في مصر تسهل عمليات التصدير وتيسير عمليات الشحن والتوزيع ومن أبرزها “ستريت لين” و”الورا” وتعتبر هذه المكاتب مركزاً هاماً لجذب الاستثمارات وتعزيز التجارة بين البلدين، وتضيف مصر قيمة مضافة للملابس المصدرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال توفير تدريب مهني متخصص للعمالة، مما يسهم في تحسين جودة المنتجات ورفع مستوى الإنتاجية ويعكس هذا التعاون الوثيق بين القطاعين العام والخاص التزام مصر بتعزيز التجارة الدولية وتعزيز الشراكات الاقتصادية الإقليمية والدولية.