فخار «الغروري» يُزين العاصمة الإدارية.. منتج عالي الجودة يغزو الأسواق العالمية

تحقيق: يوسف سامي

تُعد قرية الغروري، التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم، بمثابة قلعة صناعة الفخار في مصر، حيث تعد من أكبر وأهم الأماكن في العالم لصناعة الفخار كبير الحجم، والذي يُعد من أصعب أنواع الفخار بسبب صعوبة تشكيله وتصميمه بالإضافة إلى صعوبة تخزينه ونقله.. “باب رزق” قام بزياة القرية فكان هذا التحقيق.

عند دخول هذه القرية تشعر بأنك داخل متحف فني عالي الرقي والتحضر، وذلك بسبب انتشار الفخار في أنحاء المدينة، بالإضافة إلى الألوان الزاهية الموجودة في جميع الجوانب الخاصة بالقرية، وذلك إلى جانب رائحة الطين التي يتم من خلالها تشكيل الفخار والتي تشعرك بأنك داخل فيلم من زمن الأبيض والأسود وتشعرك برائحة الفن والتراث المصري الأصيل الذي لا ينتهي.

حجم الإنتاج

يعمل بالمهنة الكثير من الأيادي العاملة الماهرة التي لا تُخطيء أبدًا في إنتاج الفخار، وذلك على الرغم من كبر حجم الإنتاج، وهو ما يعكس احترافية هؤلاء العمال وقدرتهم الهائلة على إنتاج كم كبير من الفخار بأعلى جودة ممكنة وبأقل نسبة أخطاء، ومن هنا نستطيع أن نستنتج أن هذه الجودة العالية جاءت بفضل توارث هذه المهنة عبر الأجيال المختلفة، في هذه القرية العتيقة، فضلًا عن التطور الذي مرت به في هذه الصناعة الفنية.

ويقول يحيى محمود محمد، البالغ من العمر ٤٩ عامًا، وهو أحد صناع الفخار بقرية الغروري، إن القرية من أقدم القرى التي بدأت في صناعة الفخار في تاريخ مصر، وتُعتبر أيضُا من أقدم الأماكن في العالم التي بدأت في مزاولة واحتراف هذه المهنة، وأكثر من ٩٠ في المئة من سكان القرية يعملون بصناعة الفخار كمصدر رزق أساسي لهم.

وذكر يحيى أنه يستطيع أن ينتج ما يفوق ١٠٠٠ قطعة فخار شهريًا وهو رقم من الصعب أن يستطيع حرفي فخار آخر تحطيمه في إنتاج الفخار كبير الحجم، وذلك بسبب صعوبة تشكيل هذه الأحجام من الفخار، والتي تستغرق وقتا طويلا في صناعتها من قبل الحرفيين في هذه المهنة بسبب محاولتهم تفادي الأخطاء أثناء تشكيل الطين.

وأضاف أن هناك الكثير من أنواع الفخار التي تنتجها القرية، والتي تختلف في الشكل والمضمون وتختلف صعوبة ومدة إنتاجها من نوع إلى آخر، ومن أشهر هذه الأنواع: (الفازة) و(الكأس) و(البرميل) و(النافورة).

وأشار يحيى إلى أن قرية الغروري هي أكبر قرية على مستوى العالم في إنتاج الفخار وتصديره، حيث يتم تصدير هذه المنتجات إلى العديد من الدول بجميع أنحاء العالم، ومنها: هولندا وإيطاليا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وقبرص والأردن وليبيا، وأضاف أنه يتم استخدام هذه المنتجات في جميع أنحاء جمهورية مصر العربية، وذلك من خلال استخدامها في المنازل والفنادق والمستشفيات والمنتجعات الصحية، بالإضافة إلى استخدامها في العديد من المنشآت الجديدة الموجودة في العاصمة الإدارية الجديدة.

طريقة الإنتاج

وقال يحيى إن المادة الخام التي تستخدم في صناعة الفخار في القرية هو الطين الأسواني، لا سيما وأن هذا الطين يمتاز بصلابته المعتدلة ونعومة الملمس الخاصة به بالإضافة إلى أنه مادة صديقة للبيئة، حيث لا يشكل تصنيعه أي خطر على صحة أي كائن حي، ويتمتع بمرونة عالية في التشكيل ولا يمثل أي صعوبة على الحرفي أثناء التشكيل مقارنة بأنواع الطين الأخرى.

واستكمل حديثه بأنه على الرغم من جمال هذه المهنة والمتعة الخاصة التي تتمتع بها، إلا أنه يوجد بها نسبة خطورة على الحرفي فالعديد من الأدوات التي يستخدمها الحرفي في الصناعة قد تنهي مسيرته المهنية ومن أمثلة هذه الأدوات، أداة طحن الطين والتي قد تحلق أضرارا جسيمة بيد الحرفة والتي قد تصل إلى عدم قدرته على ممارسة المهنة مرة أخرى.

ومن جانبه، يقول محمد جابر، أحد صناع الفخار بقرية الغروري، إن صناعة الفخار تمر بالعديد من المراحل حتى يتم إنتاجه، وهذه المراحل تتمثل في الخطوات الآتية، الخطوة الأولي: جلب الطين وهرسه جيدا، الخطوة الثانية: وضع الطين على الآلة الخاصة بالتشكيل والبدء في تشكيله باستخدام الماء، والخطوة الثالثة: تتم من خلال وضع ما تم تشكيله في الشمس حتي يصبح صلبا وهكذا يتم إنتاج الفخار.

وذكر جابر أن المهنة الآن تتعرض لحالة ركود، وذلك بسبب غلاء أسعار الآلات والمنتجات والمواد الخام التي تسهم في تشكيل الفخار، مضيفًا أنه يخشي من أن يحدث تراجع في المهنة بسبب هذه العوامل.

وفي وقت سابق، أطلقت وزارة التنمية المحلية مبادرة “أيادي مصر”، وذلك من أجل دعم الحرفيين المتخصصين في الحرف اليدوية، وزار وفد من الوزارة قرية الغروري من أجل دعم الحرفيين في هذه القرية للمشاركة في المعارض العالمية.

Scroll to Top