أحزان آخر صانع قباقيب في مصر.. أيقونة الحرف التراثية تقترب من النهاية
كتب: يوسف محمد
اخر المواضيع
في أحد أزقة الأسواق التقليدية، حيث تتداخل الروائح العطرة للتوابل والألوان الزاهية للأقمشة مع الأصوات القادمة من الورش الكلاسيكية.. وسط هذا الجو الحيوي والمليء بالحركة، يتألق رجل يدعى عبدالعظيم أحمد أبو العطا، صانع القباقيب الأخير في مصر قبل أن تندثر المهنة ويطويها النسيان، حيث يتصف ببراعة وإبداع نادر في تحويل قطع الخشب إلى قبقاب لا يخلو من اللمسة الجمالية للتراث المصري.. هذا ما لمسناه عند زيارتنا لدكانته الصغيرة.
منذ فجر كل يوم، يوقظ الحاج “أبو العطا” شعلةَ موقدٍ صغيرٍ في ورشته، ليُنير ظلامها، ثم يمسك بأدواته البسيطة: مطرقةٌ قديمةٌ ومِقَص متآكل، ويبدأ رحلةَ إبداعه اليومية ويمسك بقطعةٍ من الخشب العتيق، ويبدأ نحتها بمهارة ودقة.
ولا يقتصر عمل الحاج “أبو العطا” على النحت فقط، بل يُضفي على كل قبقاب لمسات إبداعية تميزه عن غيره. ويرسم عليه نقوشًا بسيطةً تُجسد رموزًا تقليديةً، أو يكتب عباراتٍ مُلهمةً تُعبر عن قصة إبداع الإنسان وصبره وقدرته على التفاني فى العمل بأبسط المواد.
أبو العطا الذي يمثل جيلًا من الحرفيين الذين ورثوا مهاراتهم وحبهم للحرف اليدوية عن آبائهم وأجدادهم، يمتلك محلاً صغيراً في هذا السوق الذي يعج بالحياة والنشاط ورغم تقلبات الزمن وتطور التكنولوجيا، فإن أبو العطي يظل ملتزمًا بتقاليد صناعة القبقاب التي تمتد جذورها في تاريخ مصر العريق.
ويُدرك الحاج “أبو العطا” أن صناعة القبقاب تواجه تحديات جمة، بدءًا من ظهور الأحذية الحديثة وانتشارها، مرورًا بالتغيرات في الأنماط الحياتية لكنه مصمم على الحفاظ على هذه الحرفة التقليدية ونقلها للأجيال القادمة فهو يرى فيها رمزًا لهوية ثقافية عريقة، وأيقونة للحضارة العربية الأصيلة.