"صناعة السروج".. "عزوز" يتحدى المستورد بإنتاج عالي الجودة
حوار: يوسف محمد
اخر المواضيع
تُعتبر حرفة صناعة السروج جزءًا لا يتجزأ من التراث المصري العريق، وتعكس هذه الحرفة اليدوية الجمال الفريد والمهارة العالية، وتمتد جذور هذه الحرفة من العصور الأولى وحتى الآن وتعد مصر موطنًا لهذه الحرفة لما لها من تاريخ مميز فى هذه الصناعة، حيث يتجسد فيها جمال الفن اليدوي وتفاصيل الحرف التقليدية.. وفي ورشته بخان الخليلي التقينا محمد عزوز، البالغ من العمر 31 عامًا أكبر تاجر سروج فى مصر، حيث تحدث خلال الحوار عن بداياته وتأثره بأبيه وجده وطموحه.. وإلى نص الحوار
في البداية.. هل يمكنك أن تحدثنا عن تاريخ عائلتك في هذه المهنة؟
تاريخنا في هذه المهنة بدأ منذ أيام جدي، حيث كانت عائلتي ملتزمة بحرفة صناعة السروج بطريقة فريدة وجدي كان يتقن صناعة القماش الحريري على النول حيث كان ينسجه بعناية ويزينه بأنقى أشكال الكتابة، وكانت هذه القطع تلقى اهتمامًا كبيرًا من الناس الذين كانوا يأتون لشرائها واستخدامها فى صناعة وتزيين السرج.
هل يوجد اختلاف فى صناعة السرج قديمًا والآن؟
منذ زمن ليس ببعيد وتحديدًا أيام جدي كانت قطع السرج مزينة بقطع من الفضة والنحاس، حيث كانت هذه الأجزاء تعتبر الزينة الرئيسية على السرج، وكانت الفضة والنحاس جزءًا من الفن والتقاليد التي كانت تُخيط على السرج وتزين به، وقد كانت تمثل بدايات صناعة السرج المعدني، ولكن الآن ومع ارتفاع الأسعار أصبحت مكلفة فتم استخدام الصاج بديلاً لذلك.
ما هو سر نجاحك في هذه المهنة؟
سر نجاحي يكمن في الالتزام بالتقاليد والتعلم المستمر، وأنا أستمد إلهامي وقوتي من تراث عائلتي ومهارات جدي الذين كانوا يتقنون صناعة السرج بأبهى صورها، بالإضافة إلى ذلك أؤمن بأهمية الابتكار والتطور وأسعى دائمًا لتطبيق أحدث التقنيات والممارسات في عملي، بالإضافة إلى ذلك يساعدني العمل الجاد والمثابرة على تحقيق أهدافي وتجاوز التحديات التي تواجهني في طريقي، وأهم شيء بالنسبة لي حسن معاملة الزبائن.. “الشغلانه دي سيرة وثقة”.
كيف تعرف متطلبات السوق من السروج؟
نحن نبذل جهوداً كبيرة لفهم متطلبات السوق واحتياجات التجار في كل محافظة لتحقيق ذلك نقوم بالاستماع إلى ملاحظات وطلبات التجار والعمل على تلبية تلك الاحتياجات بأفضل طريقة ممكنة، بالإضافة إلى ذلك نقوم بدراسة الاتجاهات السوقية، للتأكد من أننا نلبي متطلبات السوق بشكل مثالي ونحقق أقصى قدر من الرضا للعملاء والتجار على حد سواء، ولكن نعتمد أكثر على طلبات التجار فى جميع أنحاء مصر، فنحن نملك على الأقل محل أو اثنين فى 28 محافظة وبالتالي نكون على دراية كافية بمتطلبات السوق.
ما هي أنواع السروج التي تصنعها؟
في مجال صناعة السرج يوجد مجموعة متنوعة من الأنواع بدءًا من سرج “السبع” كبير الحجم والسرج المصنوع من الجلد المصري المتميز بطول عمره واستخدامه في المشي والجري وصولًا إلى السرج الكاو بوي “الأمريكي” الذي يستخدم في الصحاري وأنشطة الصيد بالإضافة إلى ذلك يُستخدم السرج القطيفة في الرقص على الخيول، بينما يُعتبر السرج الأفرنجي الأكثر شيوعًا في مصر، وكل نوع من هذه الأنواع يتميز بميزاته الخاصة واستخداماته المتنوعة، مما يجعل صناعة السرج في مصر تتميز بالتنوع.
هل يمكن أن تندثر هذه المهنة؟
نعم يمكن أن تواجه مهنة صناعة السرج تحديات تهدد باندثارها، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية السريعة وتغيرات أساليب الحياة الحديثة كظهور السيارات كأهم وسيلة نقل، ومع ذلك فإن تاريخ وثقافة هذه المهنة القديمة تعكس قيمًا عميقة وتاريخًا غنيًا مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من تراثنا الثقافي، فنحن حتى وقتنا هذا نستخدم الأحصنة فى العديد من الأشياء منها كوسيلة نقل والصيد والرقص.
ما هي أكثر الأشياء التي قل استخدامها فى العقد الحالي؟
تعتبر القطع النحاسية التي كانت توضع على العربية “الكارو” من العناصر التي شهدت انقراضًا تدريجيًا وذلك نتيجة ظهور وسائل النقل الحديثة مثل السيارات الصغيرة والتروسيكل والتوكتوك وهذه الوسائل الحديثة أصبحت تفضلها الناس لنقل الركاب والبضائع بسبب سهولة استخدامها والتحكم بها وقدرتها على السفر لمسافات بعيدة والعديد من المميزات الأخرى، ونتيجة لذلك تأثر الطلب على القطع النحاسية التي كانت تزينها.
ما الذي يميز الحصان العربي من حيث النوع والسلالة؟
الحصان العربي يتمتع بشخصية فريدة وسجل عائلي يشبه شهادة الميلاد للإنسان، حيث يتضمن معلومات عن الأم والأب وسلالة كل حصان له طبيعته الخاصة وأسلوبه الفريد بالإضافة إلى تفضيلاته في اللبس والتزيين، تلك السمات الفريدة تميز كل حصان وتعكس شخصيته وتراثه العريق.
ما هو سبب تعلقك واستمرارك في هذه المهنة؟
على الرغم من المشاكل الشخصية والأسرية، بالإضافة إلى تركيزي على التعليم بشكل كبير فى كلية نظم ومعلومات، إلا أن والدي كان مصدر إلهام بالنسبة لي وسبب تعلقي بهذه المهنة، فوالدي له الفضل بعد الله ولذلك أهتم جدا بسيرة أبي وجدي على المستوى المهني والمستوى الشخصي.
ما هي الصعوبات التي تواجهها فى صناعة السروج؟
يعتمد أغلب عملنا على الحرفة اليدوية، حيث نخصص الوقت والجهد لإنتاج القطع بدقة ودون الاعتماد على الماكينات، فعلى سبيل المثال نقوم بصناعة طقم الصوف بالكامل يدويًا، مما يعكس التفاني في التفاصيل والجودة التي نسعى إليها في كل قطعة، إلا أن التحدي يكمن في الوقت الذي يستغرقه العمل الدقيق والمتقن، وهو أمر يتطلب تفانينا وإصرارنا على الحصول على أفضل النتائج دون التنازل عن الجودة.
ما هو السرج الأفضل المصري أم المستورد؟
السرج المصري أفضل من السرج المستورد بكثير، ولكن ينقصنا اللمسة النهائية، فنحن نستخدم أجود الخامات، وعندنا أفضل الحرفيين، فإن فتحت سرجا مستوردا ستجد فيه “خشب رنجة”، كما ستجده محشيًا بقصاقيص وثمنه ٦ آلاف أو٧ آلاف جنيه، كما أنه أقل في القدرة على التحمل، باختصار “شكل على الفاضي”، ولكن على الجانب الآخر السرج المصري سعره ١٢٠٠ جنيه، ويشمل جميع مستلزمات الحصان، بالإضافة إلى أنه أفضل بكثير من المستورد فى جميع الجوانب، فضلا عن العمر الافتراضي الكبير مما يجعله الخيار الأفضل من حيث الجودة والقيمة، وذلك لا ينطبق على السرج فقط، بل على جميع مستلزمات الحصان.
هل يؤثر ارتفاع سعر الدولار على سعر السروج؟
بالتأكيد يؤثر ارتفاع سعر الدولار على صناعة السروج، حيث تعتمد معظم الخامات والمستلزمات التي نحتاجها على الاستيراد من الخارج، فهذا الوضع يجبرنا على شراء تلك المواد بأسعار مرتفعة مما يؤثر على التكاليف، وينعكس على الطرفين البائع والمشتري على حد سواء، وعلى الرغم من ذلك فإن ضرورة تلبية احتياجات العملاء وتوفير كل المستلزمات تدفعنا لاستمرار الشراء بالرغم من الارتفاعات في الأسعار والمميز فى الأمر أن ارتفاع سعر الدولار قد ساهم في زيادة الطلب على السرج المصري وبقية المستلزمات المصرية حيث أدرك الناس أن الصناعة المصرية ذات قيمة عالية مقابل السعر المدفوع.