"عم أحمد".. آخر صانع طرابيش في مصر يكشف موعد اندثار المهنة
حوار: يوسف محمد
اخر المواضيع
الطبيعة الإنسانية تتعطش للإبداع والتعبير عن الذات، وفي هذا السياق، يبرز دور الحرف اليدوية كوسيلة فريدة لتجسيد التراث والثقافة والإبداع في أي مجتمع تمامًا كما يمثل الصانعون والحرفيون أرواحًا تنبض بالحياة في عالم من التحديات، في السطور التالية نقدم لكم رحلة مع صانع الطرابيش الذي يجسد هذه الروح والتفاني في الحفاظ على التراث الثقافي في عصر التقنية والابتكار، لهذا دعونا نستكشف معًا قصة هذا الحرفي، ونلقي نظرة عميقة على عالم الطرابيش وكيف يعيش ويعمل هذا الفنان المبدع في سبيل الحفاظ على فن يتجاوز الزمن؟
التقينا أحمد محمد البالغ 69 سنة صاحب محل طرابيش فى وسط البلد تحديدا في شارع الغورية، كشف تاريخ صناعة الطرابيش في مصر.. وإلى نص الحوار..
حدثنا عن طبيعة صناعة الطرابيش.. كيف بدأت في مصر؟ ولماذا لم تنتهي مع زوال عادة ارتداء الطربوش في أعقاب ثورة يوليو وإلغاء الألقاب؟
إن صناعة الطرابيش حرفة تقليدية عريقة تعود جذورها إلى مئات السنين وهي من الحرف اليدوية التي تتطلب مهارة ودقة وصبرًا كبيرًا فكل طربوش يُصنع بيد واحدة بدءًا من قصّ القماش وتشكيله مرورًا بخياطته وتزيينه وصولًا إلى اللمسات النهائية التي تضفي عليه جماله ورونقه، والحقيقة أن المهنة تراجعت مع الوقت وعدد الذين يعلمون بها في مصر باتوا محدودين جدا، والبعض يصفون ورشتي بأنها آخر ورشة تعمل في هذا المجال في مصر، ونحن لا نصنع الطرابيش لارتدائها وإنما لأغراض خاصة، وبعض الطرايبش تذهب لطلاب ومشايخ الأزهر، لأنها لاتزال جزءًا من الزي الأزهري.
ما هي المواد الخام التي تُستخدم فى صناعة الطرابيش؟
تُستخدم في صناعة الطرابيش العديد من المواد، أهمها:
القماش: يُستخدم القماش الصوفي أو القطني عادةً في صناعة الطرابيش، وذلك لقدرته على امتصاص العرق والحفاظ على حرارة الرأس.
البطانة: تُستخدم بطانة من القماش الناعم داخل الطربوش لضمان راحة الرأس.
الخيط: يُستخدم خيط من الحرير أو الصوف في خياطة الطربوش.
الزينة: تُستخدم زينة متنوعة لتزيين الطربوش، مثل: الريش، والخرز، والأحجار الكريمة.
ما الذي دفعك للاهتمام بفن صناعة الطرابيش التقليدي؟
بدأت رحلتي في صناعة الطرابيش منذ صغري، حيث كان جدي يعمل في هذا المجال، وكان يعلمني أساسيات المهنة منذ الصغر، وقد ورثت هذا الفن وأحببته بشغف، ورأيت فيه وسيلة للتعبير عن ذاتي وتجسيد التراث الثقافي لبلدي.
ما هي أهم التحديات التي تواجهك في مشروعك؟ وكيف يمكنك تجاوزها؟
التحديات كثيرة، لكن أهمها صعوبة الحصول على المواد الخام بجودة عالية وبأسعار معقولة. لكن من خلال التعاون مع بعض الحرفيين المحليين والبحث المستمر، تمكنت من العثور على موردين موثوقين بجودة ممتازة.
متى تتوقع اندثار هذه المهنة بشكل نهائي؟
أعتقد أنها ستندثر، ولكن ليس فى المستقبل القريب، حيث إنه لايزال هناك طلب على الطرابيش كما قلت لطلاب الأزهر أو صناع السينما والدراما التاريخية، لكن هناك تحديات تتمثل في:
- تراجع الطلب: انخفاض الطلب على الطرابيش مع تغير الأزياء وانتشار القبعات الحديثة.
- ارتفاع تكلفة المواد: ارتفاع تكلفة المواد الخام المستخدمة في صناعة الطرابيش.
- قلة اليد العاملة الماهرة: نقص العمالة الماهرة في هذه الحرفة.
لاحظنا أن العديد من الأجانب يُظهرون اهتمامًا بشراء الطرابيش في ورشتك.. لماذا؟
يعود الاهتمام المتزايد من الأجانب بشراء الطرابيش إلى عدة عوامل أولاً: قد يكون الأجانب يبحثون عن تجربة فريدة ومميزة من ثقافة المنطقة التي يزورونها، والطرابيش تمثل جزءًا هامًا من التراث والثقافة في هذه المناطق. ثانيًا، الأجانب يقدرون جودة الصناعة اليدوية والتفاصيل الدقيقة في الطرابيش، مما يجعلها قطعًا فنية جذابة وبالتالي قد يقدمونها كهدايا لأحبائهم. وأخيرًا، يمكن أن يكون ذلك بسبب إضافتنا للمسات فنية فريدة لكل قطعة.
ما هي رسالتك للأجيال القادمة؟
أُحّث الأجيال القادمة على الاهتمام بتراثنا العربي والحفاظ على حرفنا التقليدية، ومهنة صناعة الطرابيش هي جزء من هويتنا، ويجب علينا جميعًا العمل على إحيائها ونقلها للأجيال القادمة.