نباتات عطرية تفوح برائحة النجاح.. منتجات "أبودنقاش" تصل للأسواق العالمية

تحقيق: كريم محمد حامد - محمد رفعت أحمد

في محافظة الفيوم تقع قرية أبو دنقاش، التي أصبحت رمزاً للنجاح الزراعي من خلال زراعة النباتات العطرية، هذه القرية الصغيرة تحولت إلى مركز حيوي لإنتاج النباتات العطرية مثل الشيح والشمر وعباد القمر، حيث تلعب دوراً محورياً في تحسين الاقتصاد المحلي وبفضل الجهود المتواصلة للمزارعين المحليين وتطبيق أفضل الممارسات الزراعية تزدهر أبو دنقاش بنباتات تفوح برائحة النجاح، في السطور القادمة نحكي لكم قصة هذه القرية، من خلال زيارتنا لها لنرى كيف يمكن للتفاني والعمل الجاد أن يثمر عن نتائج باهرة ويضع أبو دنقاش على خريطة الزراعة المستدامة في مصر.

في البداية، يقول عزت الجبالي، مزارع في قرية أبو دنقاش، يبلغ من العمر 40 عامًا: بفضل الطبيعة الخاصة لهذه القرية وتربتها الغنية، أصبحت أبو دنقاش مقصداً للباحثين عن العطور الفريدة والنادرة وليس هذا فحسب، بل تعتبر هذه النباتات جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الزراعية في المنطقة، ومع وفرة المنتجات الزراعية في مصر، فإن النباتات العطرية في أبو دنقاش تتمتع بميزة تنافسية واضحة، إذ تنتج أنواعاً فريدة لا تتوفر في أي مكان آخر في البلاد ومن خلال جهود المزارعين المحليين والتقنيات الحديثة، تزخر القرية بمنتجات عالية الجودة تنال إعجاب العديد من المستهلكين المحليين والدوليين.

وأضاف عزت الجبالي: “نحن فخورون بتقديم منتجاتنا العضوية الطبيعية إلى العالم، حيث تعتبر جميع الأعشاب التي ننتجها منتجات عضوية بامتياز، خالية من المبيدات الضارة والمواد الكيميائية، ونحن نعمل بجد للحفاظ على جودة منتجاتنا ولتلبية احتياجات السوق العالمية المتزايدة للمنتجات الطبيعية والصحية، ويتم تصدير النباتات العطرية للعديد من الدول أبرزهم فرنسا، ألمانيا، إيطاليا وتركيا”.

الشيح.. النبات الذهبي

وتابع عزت الجبالي حديثه معنا عن أهم النباتات التي يتم زراعتها بالقرية، قائلًا: إننا نفتخر بتراثنا الزراعي الفريد، وبما نقدمه للعالم من منتجات ذات جودة عالية، حيث إن زراعة شيح البابونج ليست مجرد مصدر رزق لنا كسكان للقرية، بل هي مهمة نعتز بها، حيث نحافظ على تقاليدنا ونبني مستقبلنا على أسس صحية ومستدامة، مضيفا “بنعمل حاجات تانية عندنا شمر وكراوية وينسون وعندنا كل الأعشاب الطبيعية البلد دي متخصصة فى زراعة الأعشاب الطبيعية”.

وأكد الجبالي أن العديد من الأرامل والنساء اللواتي يعتنين بالأيتام في زراعة الشيح والنباتات العطرية في قريتنا يعملن بجد لمدة تتراوح بين 5 إلى 6 أشهر في السنة، مما يتيح لهن توفير دخل ثابت ودعم لأسرهن، فهذا العمل الزراعي لا يسهم فقط في تأمين معيشتهن بل يعزز أيضًا من استدامة الاقتصاد المحلي في القرية، وتعتبر زراعة الشيح فى قرية أبو دنقاش مصدر رزق للعديد من العائلات خاصة النساء والشباب الذين طالتهم البطالة فى القرية الريفية.

وأضاف الجبالي: نحن نعمل لإنتاج منتجات مميزة تلبي احتياجات السوق العالمية حيث نقوم بإنتاج ما لا يقل عن طن يوميا، ونأمل في أن نستمر في تقديم الفرص والمنتجات التي تسهم في تعزيز اقتصادنا المحلي ورفع اسم بلدنا عاليًا في عالم الزراعة والتصدير.

ويناشد عزت الجبالي الحكومة بتقديم المساعدة ومنحه التصاريح اللازمة لبناء سور حديدي لحماية النباتات العطرية بعد حصادها، للحفاظ على نظافتها بعيدًا عن الأتربة، وأوضح الجبالي أن المستوردين الأجانب يولون أهمية كبيرة لنظافة المنتج مما يجعل هذه الخطوة ضرورية لضمان جودة الصادرات وزيادة تنافسية منتجات القرية في الأسواق العالمية.

الشمر.. العطر الفواح

لا يقل الشمر أهمية عن الشيح في قرية أبو دنقاش، هذا النبات الذي يتميز بأوراقه الريشية ورائحته العطرية، ويستخدم كتوابل في الطهي وله فوائد صحية جمة، مثل تحسين الهضم وتقليل الالتهابات، في هذا الإطار يُشير سيد زغلول، مزارع آخر من القرية، إلى أن “زراعة الشمر عملية بسيطة لكنها تتطلب اهتماماً دقيقاً، فنحن نزرع الشمر من البذور مباشرة في تربة غنية بالمواد العضوية، ونعتمد على أشعة الشمس لنموه الصحي”.

وأضاف سيد زغلول: نحن نزرع جميع النباتات العطرية مثل الشيح وعباد القمر والكراوية وغيرها خلال فصل الشتاء، حيث تتوفر المياه بكميات كبيرة ونظيفة، فهذا التوقيت المثالي للزراعة يضمن إنتاج نباتات ذات جودة عالية”.

وذكر زغلول أن قرية أبو دنقاش تعمل كمحور حيوي للزراعة حيث يشارك العديد من الشباب والنساء والعائلات في هذه النشاط الحيوي سعيًا لكسب لقمة عيشهم اليومية، ويعتبر هذا الجهد المشترك في مجال الزراعة محورًا لتحقيق الاستدامة وتقليل معدلات البطالة في القرية الريفية بفضل هذه الجهود المبذولة، كما يتم تعزيز التوازن الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة”.

مناشدة الحكومة

وفي نفس السياق، قال علي عطا، أحد مزارعي قرية أبو دنقاش: “أتمنى من الدولة أن تدعمنا بتوفير كميات مناسبة من المياه النظيفة وتوفيرها بشكل منتظم للمزارعين”. مضيفا أن هذا الدعم سيمكننا من زراعة منتجات تتناسب مع سمعة قريتنا والطلب العالي على منتجاتنا العطرية”.

وأردف قائلا إن توفير المياه النظيفة يعد أساسياً لضمان جودة المحاصيل واستمرارية نجاحنا في الأسواق المحلية والعالمية.

Scroll to Top