"ساكن في حي السيدة".. حدوتة "عم أحمد" آخر أسطوات "بوابير الجاز"
كتب: يوسف سامي
اخر المواضيع
شهدت العديد من المهن التراثية ازدهارًا وانتشارًا على مدى واسع في العهود القديمة، لكنها مع الوقت ومع عدم قدرة هذه المهن علي مواكبة العصر بدأت في الانكماش خطوة بخطوة إلى أن أصبحت مهددة بخطر الاندثار، ومن هذه المهن مهنة تصنيع وتصليح “بوابير الجاز”، والتي تعتبر من المهن التراثية المصرية وذلك بسبب تمثيلها لحقبة مهمة في التاريخ المصري، وارتباطها بالعادات والتقاليد للأسرة المصرية في الفترة ما بين نهاية القرن التاسع عشر ونهايات القرن العشرين، لكن أحد رموز هذه المهنة لايزال يتحدى التغيير، الأسطى أحمد سيد، صاحب إحدى ورش تصليح بوابير الجاز في حي السيدة زينب، والذي يعتبر بحق أحد أسطوات المهن التراثية في مصر.. المزيد من التفاصيل في سطور حوارنا التالي معه.
سألته في أول اللقاء.. متى بدأت العمل في هذه المهنة ؟ ولماذا اخترتها بالتحديد؟
بدأت العمل في هذه المهنة من أكثر من ٢٥ عامًا وذلك في “دكانة” والدي، حيث إنه علمني المهنة أنا وأخي الكبير في نفس الوقت عندما بلغت سن الـ١٨ عامًا، وقد اختر العمل بهذه المهنة بسبب أنها مهنة العائلة التي توارثتها الأسرة من جدود الجدود ومن زمن الزمن، فنحن من سكان السيدة زينب الأصليين أبا عن جد، وهذه المهنة من المهن التي كان لها شأن في الماضي.
حدثنا عن طبيعة عمل بابور الجاز.. ما هي مكوناته؟
يتكون بابور الجاز من العديد من العناصر، والتي قد يصل عددها إلى ما يفوق٤٠ قطعة، ومن أهم هذه القطع، “مفتاح النفس” الذي يتم من خلاله تشغيل البابور، والشفاط والذي يعمل على شفط الأكسجين من الهواء من أجل إشعال النار، وقطعة الكباس، وقطعة الفونية والتي تخرج من خلالها النيران، بالإضافة إلى قطعة الطربوش وقطعة الشفاط.
هل هناك أنواع لبوابير الجاز؟
نعم, هناك العديد من أنواع بوابير الجاز، ومن هذه الأنواع نوع رقم ٢ وهو النوع الأكثر استخداماً في المنازل بسبب قدرته العالية على إشعال النيران بشكل جيد، والنوع رقم ٣ وهو النوع الذي يستخدم بشكل أكبر في الزينة.
هل لا تزال هذه المهنة مطلوبة في مصر مع التطور الذي نعيشه؟
المهنة مهددة بشكل كبير بخطر الاندثار، وذلك بسبب قلة استخدام البابور في المنازل المصرية، وأصبح وجوده يقتصر على الزينة فقط، وذلك بسبب اعتماد الأسر بشكل كامل على البوتجاز في إعداد الطعام والمشروبات الساخنة.
هل المهنة ما زالت مجزية لك ماديا لتكفيك على تحمل أعباء الحياة؟
لا, لم تعد المهنة مجزية ماديًا في تحمل أعباء الحياة، وذلك بسبب قلة الطلب على شراء البوابير، وقلة من لديهم بوابير جاز يريدون أن يصلحونها، بالإضافة إلى قلة العائد المادي الذي يعود من تصليح البوابير والذي يتراوح بين ١٠ إلى ١٥ جنيهًا في البابور الواحد.
هل هناك أماكن مازالت تستعمل البوابير ؟ وما هي هذه الأماكن؟
نعم مازالت العديد من الأماكن تستعمل البوابير، وخاصة بعض القرى والنجوع بمحافظات الصعيد، فهذه الأماكن لايزال بعض سكانها يستعملون بابور الجاز وذلك بسبب تعلقهم به كجزء من ثقافتهم وهويتهم.
في نهاية حديثي معك.. ما الذي تتمناه لهذه المهنة التراثية؟
أتمنى أن تعود المهنة الي رونقها وقيمتها التي تستحقها كجزء لا يتجزأ من التاريخ والثقافة المصرية، وأن يعود الناس مرة أخرى لاستخدام بوابير الجاز وذلك لا يعني أن يعود البابور بدلاً من البوتجاز بل المعنى المقصود أن يتم استخدامهما معا، وذلك بسبب سهولة استخدام البابور وسهولة حمله وتخزية بالإضافة إلى قلة تكلفته ومصاريف صيانته.